رفضت جماعة الإخوان المسلمين في مؤتمر صحفي، عقد ظهر اليوم الأربعاء، الدعوة التي أطلقها أمس نائب الرئيس عمر سليمان بضرورة إخلاء ميدان التحرير من جميع مظاهر وحركات الاحتجاج الشعبي، مؤكدين أن من يقود هذا الاحتجاج ليس مجرد شخوص وحركات، وإنما بالأساس هدف وغاية واحدة وهي المطالبة بالتغيير الشامل، عبر المطالب التي قدمت بجلسة الحوار الأولى التي شاركت فيها الجماعة ضمن أطياف المنظومة الحزبية والشعبية، حال تلبية تلك الغاية يمكن بعدها عودة الهدوء والاستقرار الداخلي.
أتى ذلك خلال المؤتمر الذي أداره الدكتور محمد سعد الكتاتني والدكتور عصام العريان، بمقر الجماعة بالمنيل وفي هذا المؤتمر أكدت الجماعة على ثلاث رسائل رئيسة:
الأولى: التأكيد على مطالب التغيير الشامل والانتقال من الشرعية الدستورية لمثيلتها الثورية، وأن القضية الملحة الآن هي كيفية إدارة الحوار بين الحكومة وحركة الشارع من أجل تأمين مرور آمن للمجتمع نحو الديموقراطية والعدالة والحرية.
وأن الاستمرارية بالحوار تعتمد على الجدية التي يبديها طرفاه تجاه القضايا المطروحة على أجندته. ولذا فإن الخطوط الحمراء التي وضعها سليمان للمشهد المصري، لم تعد تعني الكثير للشارع، الذي تجاوزها بحركته وقوة تعبيره عن مطالب التغيير.
الثانية: العتاب على الجيش، بسبب بعض الممارسات التي باتت تضر بالصورة الحسنة لتلك المؤسسة منذ بدء حركة الاحتجاج، وذلك من خلال قيام وحداته بمداخل القاهرة وتحديداً في شبرا ومدينة نصر، بالتعرض للمتظاهرين أو القادمين من خارج القاهرة للمشاركة في حركة الاحتجاج المتواصلة بميدان التحرير، وأخذهم لثكنات عسكرية للاستجواب والاعتداء عليهم، وتساءلوا من يدير تلك الثكنات؟ ومن هؤلاء الذين يحققون معهم؟ وطالبوا الجيش بالتحقيق في تلك التجاوزات حتى لا تفسد العلاقة بينه وبين الشعب والممتازة حتى الآن.
الثالثة: أن الإخوان ليسوا طالبي سلطة أو حكما، ولكون المشاركة بالسلطة ليست من نهج الإخوان، فالأولوية الآن لحرية المجتمع، على أن تأتي مسألة المشاركة بالسلطة فيما بعد. فالإخوان بوصفهم جزءًا من تيار الاحتجاج الحالي، ليست لهم غاية سوى التغيير وأن اللجان التي بدأت تبرز على الساحة الآن، لابد وأن يتطابق هدفها مع رغبة الشارع في التغيير الشامل.
وخلال جلسة الحوار المفتوحة مع وسائل الإعلام المصرية والأجنبية، عبر قادة الإخوان عن تفاصيل أكثر تجاه تلك الرسائل الثلاث، وأن ذهابهم للحوار وإنما يستهدف تأمين انتقال أمن للسلطة من الحكومة للشعب، ونقل رسالة الشعب للسلطة.
وأن الحوار بعكس ما هو مشاع حالياً لم يبدأ بعد، لكون الجلسة الأولى كانت بمثابة وضع العناوين الرئيسة للحوار. وأن الإخوان مع التيار المدعم لجلسات جديدة من الحوار مع سليمان، رغم كونهم تحفظوا كثيراً على البيان الرسمي لجلسة الحوار الأولى، لكونه لم يعبر بصدق عما دار من مناقشات ومطالب فيها. ودعوا القوى والشخصيات التي بدأت تصطف حول لجان الحكماء التي بدأت تبرز على الساحة، بأن تكون نقطة البداية لهم في الحوار مع السلطة، وهي التأكيد على الشرعية الثورية الجديدة، بكل ما تحمله من مقومات للتغيير الشامل.
إلا أن أهم ما عبر عنه الإخوان في تلك الجلسة المفتوحة كانت أربع نقاط رئيسة:
1- التأكيد على مقومات الدولة المدنية-الديموقراطية بعد التغيير القادم، بحيث تكون السيادة فيها للشعب، لكون الأمة هي مصدر كل السلطات والمؤسسات.
2- احترام للتعاقدات الدولية وتحديداً تلك المتعلقة بإسرائيل ومعاهدة السلام معها، رغم أنهم يرفضونها من حيث المبدأ،إلا أن علاقاتهم بإسرائيل سوف تكون تحت مظلة إحقاق السلام العادل لجميع شعوب المنطقة بما فيها الشعب الفلسطيني.
3- نفي أي صلة خارجية بينهم أو بين قوى الخارج التي بدأت تلقى بثقلها تجاه دعم حركة الاحتجاج الشعبي، بما فيهم إيران وحماس، أو حتى تنظيم القاعدة، لكون مثل هذا الربط فيه تقليل لشأن الشعب المصري الذي يقود معركة التغيير الآن، لكونه مطلبا داخلي تدعمه تيارات وطنية بالأساس ليس لها ارتباطات بالخارج.
4- الهدف الحالي للجماعة هو المشاركة في عملية التغيير السياسي الشامل مع بقية قوى المجتمع، لتحقيق قيم العدالة والمساواة والديموقراطية المفقودة، وأنها ليست لها أطماع بالسلطة أو في نيتهم ترشيح أحد لمنصب رئيس الجمهورية في سبتمبر 2011، إنما دعم مرشحين محتملين لهذا المنصب. ومثل هذا الحديث ليس فيه مصادرة على حق الجماعة في تشكيل حزب سياسي مستقبلي، فلكل حال حديث، حسب ما ختم به العريان المؤتمر الصحفي، رداً على سؤال الأهرام.